“الحب لا يكفي!”

“الحب لا يكفي!” هناك أمور أهم إن كنت تفكر في الزواج
 في ثقافتنا، كثير منا يجعل الحب الأمر المثالي، بل نعتبره علاجًا شاملًا لجميع مشاكل الحياة، وكثير من أفلامنا وقصصنا وتاريخنا تحتفل به كهدف نهائي للحياة، والحل النهائي لكل آلامنا وصراعنا، ولأننا نعطي الحب المثالية، فإننا نبالغ في تقديره، نتيجة لذلك، تدفع علاقاتنا الثمن.

عندما نعتقد أن “كل ما نحتاجه هو الحب” فعندئذ من المرجح أن نتجاهل القيم الأساسية مثل الاحترام والتواضع والالتزام تجاه الأشخاص الذين نهتم بهم، فإذا كان الحب يحل محل كل شيء فلماذا نهتم بكل الأشياء الأخرى وكل الأشياء الصعبة؟

ولكن إذا اعتقدنا أن “الحب لا يكفي” فإننا نفهم أن العلاقات الصحية تتطلب أكثر من المشاعر النقية أو المشاعر النبيلة، فنحن نفهم أن هناك أشياء أكثر أهمية في حياتنا وعلاقاتنا من مجرد الحب، ويتوقف نجاح علاقاتنا على هذه القيم الأعمق والأكثر أهمية.

حقيقتان من الحقائق القاسية عن الحب

تكمن المشكلة في إضفاء الطابع المثالي على الحب في أنه يجعلنا نطور التوقعات غير الواقعية حول ماهية الحب في الواقع وما يمكن أن يقدمه لنا، ثم يعم الخراب على هذه التوقعات غير الواقعية للعلاقات التي نعتز بها في المقام الأول، اسمحوا لي أن أوضح:

  • الحب لا يساوي التوافق!

فقط لأنك تقع في حب شخص ما، ولا يعني بالضرورة أنه شريك جيد لك للتواجد معك على المدى الطويل، فالحب عملية عاطفية، التوافق عملية منطقية، ولا ينزف الاثنان بشكل جيد للغاية. من الممكن أن تقع في حب شخص ما، لا يعاملنا بشكل جيد، أو يجعلنا نشعر بالسوء حيال أنفسنا، أو لا يحترمنا مثلما نحترمه، أو لديه حياة سيئة تهدد بإسقاطنا معه.

من الممكن أن نقع في حب شخص ما، لديه طموحات مختلفة أو أهداف حياتية متناقضة مع أهدافنا، وربما كان يحمل معتقدات فلسفية مختلفة أو وجهات نظر تتعارض مع إحساسنا بالواقع. ومن الممكن أن تقع في حب شخص يُقدم تلك التضحيات لسعادتنا.

قد يبدو هذا متنقاضًا، لكنه صحيح. عند البحث عن شريك، يجب ألا تستخدم قلبك فقط، ولكن عقلك، نعم تريد العثور على شخص يجعل قلبك يرفرف ويحلق في السماء فرحًا، ولكنك تحتاج أيضًا إلى تقييم الشخص، وكيف يعاملون أنفسهم، وكيف يعاملون المقربين منهم، وطموحاتهم ووجهات نظرهم للعالم بشكل عام، لأنك إذا وقعت في حب شخص لا يتوافق معك، سوف تقضي وقتًا سيئًا.

  • الحب لا يستحق دائمًا التضحية بنفسك

من السمات المميزة لحب شخص ما، أنك قادر على التفكير خارج نفسك، ومعرفة احتياجاتك الخاصة للمساعدة في رعاية شخص آخر واحتياجاته أيضًا. لكن السؤال الذي لا يتم طرحه في كثير من الأحيان، ما الذي تضحي به، وهل يستحق ذلك؟

في علاقات المحبة، من الطبيعي أن يضحي كلاهما، أحيانًا برغباتهم واحتياجاتهم الخاصة ووقتهما لبعضهما البعض، وأود أن أزعم أن هذا طبيعي وصحي، وجزء كبير مما يجعل العلاقة عظيمة جدًا.

ولكن عندما يتعلق الأمر بالتضحية وباحترام الذات، وكرامة المرء وجسده المادي وطموحاته وأهدافه في الحياة، فقط من أجل أن يكون مع شخص ما، فإن ذلك الحب يصبح مشكلة، من المفترض أن تُكمل علاقة المحبة هويتنا الفردية، وليس الإضرار بها أو استبدالها، إذا وجدنا أنفسنا في مواقف نتسامح فيها مع سلوك غير محترم أو مسيء، فهذا هو ما نفعله في الأساس: نحن نسمح لحبنا أن يستهلكنا وينفينا، وإذا لم نكن حذرين فسوف يتركنا دون أي موعد سابق.

إحدى أقدم النصائح حول العلاقة هي “يجب أن تكون أنت وشريكك أفضل الأصدقاء”. ينظر معظم الناس إلى هذه النصيحة بشكل إيجابي: يجب أن أقضي بعض الوقت مع شريكي كما أفعل مع أفضل أصدقائي، يجب أن أتواصل بصراحة مع شريكي كما أفعل مع أفضل أصدقائي، يجب أن أستمتع مع شريكي كما أفعل مع صديقي المفضل. ولكن يجب على الناس أيضًا أن ينظروا إليها بشكل سلبي: هل تتسامح مع السلوكيات السلبية لشريكك في أفضل صديق لك؟

من المدهش أنه عندما نسأل أنفسنا هذا السؤال بصدق، في معظم العلاقات غير الصحية والمعتمدة على بعضها البعض، فإن الجواب هو “لا”. تذكر هذا: “الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها الاستمتاع الكامل بالحب في حياتك هي اختيار شيء آخر أكثر أهمية في حياتك من الحب”.

يمكنك أن تقع في حب مجموعة متنوعة من الأشخاص طوال فترة حياتك، كما يمكنك أن تقع في حب الأشخاص الجيدين لك والأشخاص السيئين لك، يمكنك أن تقع في الحب بطرق صحية وطرق غير صحية، يمكنك الوقوع في الحب عندما تكون صغيرًا وعندما تكون كبيرًا في السن، الحب ليس فريدًا، الحب ليس خاصًّا، الحب ليس نادرًا. لكن احترامك لذاتك وكذلك كرامتك، وكذلك قدرتك على الثقة، ومن المحتمل أن يكون هناك الكثير من الحب طوال حياتك، ولكن بمجرد أن تفقد احترامك لذاتك أو كرامتك أو قدرتك على الثقة، يكون من الصعب جدًا الرجوع إليها.

الحب تجربة رائعة، إنها واحدة من أعظم التجارب التي تقدمها الحياة، وهو شيء يجب أن يطمح الجميع إلى الشعور به والاستمتاع به. ولكن مثل أي تجربة أخرى، يمكن أن تكون صحية أو غير صحية، لا يمكننا أن ندعها تستهلكنا، لا يمكننا التضحية بذواتنا وتقديرنا لها، لأن لحظة قيامنا بذلك، نفقد الحب ونفقد أنفسنا. لأنك تحتاج في الحياة أكثر من الحب، الحب عظيم، الحب ضروري، الحب جميل، لكن الحب لا يكفي.

| للكاتب
| رامي محمد فلمبان