"المال" ليس كل شيء

"المال" ليس كل شيء
اليوم، يُنظر إلى المال على أنه مقياس النجاح، ويعتقد البعض أنه حتى المفتاح النهائي للسعادة لأنه يمنح الناس فرصًا لتغيير حياتهم، ويستمر الناس في العمل بجدية أكبر ويكسبون المزيد لأنهم يشعرون أن ذلك يعادل امتلاك كل الأشياء الرائعة والجميلة في الحياة بينما الحقيقة هي أن الاستقرار المالي لا يؤدي دائمًا إلى السعادة. لكن بالطبع، أن تكون ثريًّا لا يعني أن تكون تعيسًا وبائسًا، وما أعنيه هو أنه من المهم معرفة أن الموارد المالية لن تكون السبب الوحيد للبشر للشعور بالسعادة والرضا وتحقيق الصفاء أو السلام الداخلي، لأن الحقيقة هي أن المال لا يشتري كل شيء، واسمحوا لي أن أشاطركم ببعض الأشياء التي لا يشتريها المال:

1. الحب
إذا حاولت شراء الحب، فسوف تفلس لأن الحب لا يقدر بثمن؛ لذا، توقف عن مطاردة الحب باستخدام أموالك، ولكن بدلًا من ذلك استثمر الحب الحقيقي بالمعنى، لا تكن متشوقًا للاستيقاظ في الصباح مع توقع إتمام صفقة، ولكن تنفس بأمل الحب اللامتناهي من عائلتك وأقاربك وأصدقائك. تذكر أن الحب مجاني وأن المال لا يمنحك إلا دفعات مؤقتة من السعادة، ولكن ليس الحب الحقيقي أبدًا.

2. الوقت
يمكنك شراء أغلى ساعة ولكن لا يوجد مبلغ من المال يمكن أن يكسبك المزيد من الوقت، يمكنك تحقيق الأفضل أو الأسوأ ولكن لا يمكنك إعادته أبدًا، فلا تضيع وقتك في الغضب واللوم والجشع والضغائن والكراهية والانتقام والهموم، فالوقت ثمين للغاية، ولا يمكن استرجاع الوقت الضائع.

3. الصبر
الانتظار بهدوء هو تحقيق نمو إيجابي للفرص وهذا لن يتطلب المال، إن امتلاك إيمان قوي للاعتقاد بأن الجميع سينجحون، في النهاية، هو الصبر.
يجب أن تجرؤ على التحلي بالصبر وإدراك حقيقة أن المكافآت تأتي مع بعض المضايقات والفشل، لذا كن صبورًا وانتبه خلال الأوقات العصيبة بدلًا من تسريع الأمور تحت الضغط، فالتسامح من أعظم المعجزات في العالم.

4. الكرامة
معرفة قيمتك الخاصة ليس له ثمن على الإطلاق، واحترام الذات هو الذي يسمح لكرامتك أن تنمو. إنه أمر غير منطقي وغير مقدر إذا لم تتعلم القتال من أجل نفسك. نعم، لا يمكن للجميع الفوز في معركة، ولكن على الأقل سيعرف العالم بأسره أن لديك دفاعًا عن روحك، وهذا هو سر الكرامة، إنه ليس مجرد حيازة الشرف.

5. العلاقة مع الله
العلاقة مع الله سبحانه وتعالى ليس لها ثمن، ولا يمكن للمال أن يشتري القوة أو الإرشاد الروحي، وكل ثراء الكون الوفير لا يمكنه أن يضمن البركة والحياة الأبدية. يا رفاق أجمل الأشياء لا ترتبط بالمال، فإذا كنت منشغلًا مسبقًا بالمال، فستصبح عبدًا للمال إلى الأبد وستكون نقمة على الجميع؛ لذا، لا تسمح للمال بأن يضعفك أو يبعدك عن نفسك وعن الحب والوقت والصبر والكرامة وعن الأهم وهو الله.

قال أحدهم: إنه بالمال يمكنك شراء خاتم ألماس، لكن لا يمكنك شراء الحب الحقيقي، وبالمال يمكنك شراء مرتبة باهظة الثمن، لكن لا يمكنك شراء النوم، بالمال يمكنك شراء جميع الأدوية في العالم، لكن لا يمكنك شراء الصحة. نعم، بينما يمكنك شراء أشياء كثيرة في هذا العالم، لكن لا يمكنك شراء الحياة، الحياة لا تقدر بثمن، وإنها أكبر هدية لنا، لكن للأسف، قد نجعل المال أولوية في الحياة، لدرجة أننا لا نستطيع فهم أهمية الحياة.

العالم كله يُشجع أولئك الذين لديهم المال، بحيث إننا نميل غالبًا إلى اتباع القطيع، وفي الواقع بعض الناس فقراء للغاية، والشيء الوحيد الذي لديهم هو المال، وعندما نقرأ هذا الفكر المتناقض، قد نبدأ في التساؤل وحتى القلق بشأن ما ستكون عليه الحياة بدون المال، يجب أن نتوقف على الفور ونضع أفكارنا في نصابها، ولم يقل أحد من قبل إن الفقر شيء جيد، ولكن هل الهدف من الحياة هو كسب المزيد من المال؟

هل إذا أصبحت ثريًّا سوف تضمن حياة أفضل وأكثر سعادة؟ لسوء الحظ، فإن أولئك الذين لا يملكون المال يبحثون عن أولئك الذين لديهم المال ويتمنون أن يكونوا في مكانهم، ويقضون حياتهم بأكملها في محاولة لكسب المال، وفي بعض الأحيان، تنتهي الحياة بهم في مطاردة المال، وإذا نظرت وتأملت إليهم تجدهم يسعون إلى الاستمرار في جني الأموال، لأنهم يخشون أن فقدان الموارد المالية لن يؤدي فقط إلى فقدانهم لمستوى معيشتهم ولكن أيضًا اسمهم في المجتمع.

ثم هناك أولئك الذين لديهم الكثير من المال لدرجة أنهم يتعرضون للتوتر في إدارة ثرواتهم، وقد تكون أموالهم نقدًا أو في البنوك أو في الأسهم أو في الأعمال التجارية أو حتى في المجوهرات والبضائع باهظة الثمن التي يخزنونها في المنزل، ويقضون حياتهم في التعامل مع قلقهم من امتلاك الكثير من المال وكيفية إدارته.

يمكننا أن نبدأ حياتنا بهدف طموح لكسب مبلغ معين من المال أو ما يكفي لعيش حياة كريمة، ومن ثم الاستفادة القصوى من هذه الهدية المسماة “الحياة”، وإنه لأمر مؤسف للغاية أنّ قلة قليلة من الناس ينعمون بذلك، فنحن مرتبطون بممتلكاتنا ونريد إرضاء الناس في حياتنا بكل الأشياء باهظة الثمن التي تحتاج إلى المال، وهكذا نستبدل حياتنا بالمال، وقد يكون للأسف قريبًا يتبقى لنا الكثير من المال، لكن لا حياة.

بالطبع، سيكون من الحماقة القول إن المال لا شيء، ولكن سيكون من الحماقة الاعتقاد بأن المال هو كل شيء، فالمال له مكان في الحياة ولكن لا يمكننا أخذ المال معنا عندما نغادر هذا العالم، ويجب أن نفهم معنى الحياة، وهذا أهم بكثير من مجرد عيش حياتنا في السعي وراء المال.

| للكاتب
| رامي محمد فلمبان