خُطة الحياة هي خارطة طريق لحياتك، بحيث تُساعدك على تحديد أولويات ما هو مهمّ بالنسبة لك، واتخاذ القرارات بِناءً على أولوياتك والتقدم نحو الحياة التي تريدها، ولكن يجب أن تكون تلك الخُطة أكثر مرونةً، ومع تغيُّر حياتك، قد تتغير أيضًا قيمك وأولوياتك. خطة الحياة هي وثيقة حية تتنفس وتتطلب اهتمامًا دوريًا للتأكد من أنها تعكس حياتك بدقة، وأنها دليلك الشخصي للطريقة التي تريد أن تعيش بها، وما هو مهم بالنسبة لك وما عليك القيام به لتحقيق الحياة التي تريدها.
عند إنشاء خطة الحياة، فأنت تُحدّد قيمك، وما هو مُهمّ بالنسبة لك وما تريده في حياتك. بعد ذلك، عندما تواجه قرارات، تقيس خياراتك مقابِل قِيمك وتختار الخيار الذي يتماشى بشكل أفضل مع أولوياتك أو الذي يدفعك إلى المسار الذي اخترته. سواءٌ كان ذلك قرارًا بسيطًا مثل إنفاق الأموال على شيء لا تحتاجه مقابل توفير أموالك لتحقيق حلم لبدء عملك الخاص، أو قرارًا مُهمًّا مثل تغيير مِهنة، فإن خّطة الحياة تُساعدك على تحديد ما هو واضِح ومناسب لك.
تُعدّ إنشاء خطة الحياة أحد أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها لتحديد الأشياء التي تريدها بشدة في حياتك وتطوير إستراتيجية لتحقيقها. فيما يلي الخطوات لمساعدتك في إنشاء خطة حياة:
خَلْق رؤية
اسمحْ لنفسك أن تحلم بأحلام كبيرة، وتخيَّلْ كيف يبدو يوم عادي في حياتك المثالية، تخيّلْ مكان عملك ونوع العمل الذي تقوم به والدخل الذي تكسبه، تخيل علاقاتك مع الأصدقاء والعائلة، ربما تعني حياتك المثالية اكتساب مهارات جديدة للعثور على وظيفة أكثر إرضاءً، ربما يكون شحذ مهاراتك لزيادة قابليتك للتسويق والعثور على وظيفة ذات أجرٍ أعلى، ربما يكون العمل من المنزل لقضاء المزيد من الوقت مع عائلتك.
تخيَّل نوع الشخص الذي تريد أن تكون، وكيف تريد أن ينظر إليك الآخرون. على سبيل المثال، قد تَرْغب في أن يعرف زملاؤك أنّك مَوْثوق في تقديم عَملك، قد ترغب في أنْ يحترِمك مُديرك كشخص يلتزم بالمواعيد النهائية ويكون مسؤولًا عن جَوْدة عملك.
فكّر في الأشياء التي تُريد تحسينها في حياتك، ويمكن أن يَشمل ذلك مجالات مختلفة في الحياة، مثل الشؤون المالية أو المهنية أو الصحة، قد يَنطوي على بعض نِقاط الضعف التي تريد التغلُّب عليها، وضَعْ في اعتبارك كيف ستقيس تحسينك وتحدد النجاح، وحدد بوضوح ما يعنيه النجاح بالنسبة لك.
قُم بإجراء تقييمٍ ذاتيّ
لإجراء تقييمٍ شامل للحياة، يجب أن تكون صادقًا مع نفسك ومع ما تريد، يشمل تقييم الحياة النظر في بعض العوامل مثل الأدوار التي لديك في الحياة، ورضاك عن المجالات المختلفة في حياتك ونقاط القوة والضعف المختلفة لديك، قد تتيح لك مراجعة حياتك من وجهات نظر مختلفة وتطوير تقييم شامل، وإذا كنت تواجه صعوبة في تقييم نقاط قوتك وضعفك، فاسأل العديد من الأشخاص المُقرَّبين منك ممن سيعطونك رأيًا موضوعيًّا.
كلّ شخص يقوم بأدوار مختلفة في الحياة، فكُلّ ما عليك هو أن تطرح قائمة بالأدوار المختلفة التي سوف تلعبها في حياتك، كالطالب، وزميل العمل، والموظف، والمدير، ورجل الأعمال، والمتطوع، والزوج، والوالد، وفي الخطوة التالية، ستعطي الأولوية لهذه الأدوار وتحدِّد القيم التي تريد تحقيقها في كلٍ منها.
إعطاء الأولوية لحياتك
الآن بعد أن حدَّدتَ الأدوار التي تلعبها في الحياة، والمجالات التي تريد تحسينها ونقاط القوة والضعف لديك، يمكنك إعطاء الأولوية لهذه الأدوار لاكتشاف ما هو أكثر أهمية بالنسبة لك.
راجع قائمة الأدوار الخاصة بك وأعد ترتيبها وفقًا لما هو أكثر أهمية في حياتك. على سبيل المثال، قد يكون دورك كوالد أو مدير أكثر أهمية بالنسبة لك من دورك كموظف أو طالب.
أيضًا، رتب أولويات مجالات حياتك لتحديد ما هو أكثر أهمية بالنسبة لك، قد تكون صحتك وعائلتك أكثر أهمية من عملك أو هواياتك، وعند تحديد أولويات مجالات الحياة، من المهمّ أيضًا مراعاة كيفية ارتباط المجالات المختلفة، قد تعطي الأولوية للأسرة على الشؤون المالية، لكن بعض الأهداف المالية ضرورية لرعاية أسرتك، وإثبات أن أحدهما أكثر أهمية بالنسبة لك لا يقلل من قيمة الآخر؛ إنه يشير ببساطة إلى المناطق التي تريد تركيز المزيد من الاهتمام عليها.
سيساعدك تحديد أولويات أدوارك والمجالات التي تريد التركيز عليها على تحديد قِيَمك وغير القابلة للتفاوض عندما يتعلق الأمر بحياتك المهنية.، وإذا كانت عائلتك من بين أهم أولوياتك، فقد تُفضل الحصول على وظيفة ذات توازُن جيد بين العمل والحياة وتتطلب القليل من السفر أو لا تتطلب السفر على الإطلاق لمؤسسة قريبة من المنزل وتحترم ساعات عمل الموظفين.
حدِّد قِيَمك
ستساعدك المقارَنة كيف تكون حياتك الآن وما تريد أن تكونه حياتك على تحديد قِيمك، والسماح لنفسك بالشعور بالفَرق وتحليلها يوضح قيمك الأساسية. الشَّخص الذي تتخيل نفسك أن تكون عليه –مع الحياة التي تتخيلها– يعيش بهذه القيم، إنّهم يُمثِّلون هُويّتك كشَخص حتى لو كنت لا تزال تعمل على إدراكهم.
عندما تُحدّد قِيمك وما هو مُهمّ في حياتك، فإنها تُصبح أداة قياس لكل قَرار، وتصبح القرارات أسهلُ بكثيرٍ لأنه يُمكنك أن تَرى بوضوح ما الذي يتوافق مع قيمك وما لا يتماشَى معها، قد تُقدّر العمل الذي يُرضي ويَخدم غَرضك أكثر مما تُقدّر حَجم راتبك، كما يُساعدك فَهْم هذا على تَضْييق نطاق بَحْثك عن الوظائف ليَشمَل فرصًا أَكْثر إرضاءً بدلًا من أيّ مَنْصب براتِبٍ أعلى.
ضَعْ أهدافًا
الآن بعد أن أصبحت لديك فكرة عن الحياة التي تريدها وما هو مهم في حياتك، ضع أهدافًا عالية المستوى للشخص الذي تريد أن تكونه. هذه الأهداف هي الأشياء التي تريد تحقيقها على مدى عدة أشهر أو سنوات، قد تشمل أشياء مثل تحقيق منصب إداري على المستوى التنفيذي أو الحصول على راتبٍ سنوي مُحدَّد في إطار زمني معين، وقد تشمل أيضًا الحصول على وظيفة ذات دخل وحرية قضاء إجازة مع أسرتك مرتين في السنة.
لكل دَوْر ومجال في حياتك، ضع في اعتبارك الأهداف الكبيرة التي تريد تحقيقها، ولكن اجعلها واقعية أيضًا. ستحتاج إلى التأكد من أنها محددة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق وذات صلة وفي الوقت المناسب.
حدِّدْ خُطة العمل
أهدافك عالية المستوى هي الشخص الذي تريد أن تكون والأشياء التي تريد تحقيقها في الحياة. أنت الآن بحاجة إلى إجراء هندسة عكسية لتلك الأهداف لتحديد خطوات العمل التي تتوافق مع قيمك والمُضيّ قُدمًا. خُطوات العمل هذه هي أهدافك على أرض الواقع للإجراءات التي تتخذها لتحقيق أهدافك عالية المستوى، وأما إذا كان الهدف رفيع المستوى هو تغيير المهنة، فقد يكون الهدف الأساسي هو الحصول على مهارات التدريب والممارسة للمهنة الجديدة أو بَدْء هوايات تساعدك على بناء مهارات جديدة.
خُطة العمل الخاصة بك هي الخطوات التي تحتاج إلى اتخاذها للعمل نحو الحياة التي تريدها.
| للكاتب
| رامي محمد فلمبان