هل يجب أن أُحطم أحلامي أم أتخذ قراراً آخر ؟

هل يجب أن أُحطم أحلامي أم أتخذ قراراً آخر ؟
أُحب سائقي سيارات الأجرة، لديهم حكمة معينة لا تتوقف عن إلهامي، قد يقابل معظمنا نفس الأشخاص كل يوم، لكن سائقي سيارات الأجرة يجتمعون ويتحدثون مع العديد من الأشخاص المختلفين خلال يوم عملهم، وعلى مر السنين، أصبحوا أشخاصًا مثيرين بشكل مثير للدهشة. ذات يوم، كانت سيارتي قد تعطلت، واضطررت إلى ركوب سيارة أجرة من العمل إلى المنزل، وفي الطريق، أجريت محادثة ممتعة مع السائق، وعندما وصلنا إلى منزلي، أوقف السيارة، لكننا واصلنا محادثتنا الممتعة. 

حواري مع سائق التاكسي 

لا أتذكر بالضبط كيف بدأت محادثتنا، ولكن بما أن السائق كان رجلًا مثيرًا للاهتمام وكان في مزاج فلسفي عظيم، شعرت بالحرية الكافية لمشاركة أحلامي معه. قلت له: “لديّ أحلام كبيرة”. وسألني السائق: “مثل ماذا؟” فأجبته: “أريد أن أخسر وزني، أنا أود ان أكون غنيًّا، أريد إنهاء مدفوعات الرهن العقاري الخاصة بي، أريد أن أكون مستقلًّا ماليًّا وأن أتوقف عن العمل الشاق، وأريد السفر إلى الخارج كثيرًا، دون الحاجة إلى البحث عن رحلات طيران وفنادق رخيصة”. 

وسألني السائق مرةً أخرى: “منذ متى وأنت تستمتع بهذه الأحلام؟” فأجبته: “لديّ هذه الأحلام منذ سنوات عديدة.” ثم سألني: “هل هناك أي شيء في حياتك يشير إلى أنك ستحقق أيًّا منها؟ أجبته: “ماذا تقصد بذلك؟” 

بدأ سائق التاكسي يشاركني فلسفة حياته، وهذا ما قاله ليّ: “لسنوات عديدة كان لدي أحلام كبيرة، وغالبًا ما كنت أتخيلها. ومع ذلك، دفعتني ظروف الحياة إلى إدراك أنني لن أحققها وأحدث أيّ تأثير كبير على العالم، ولن أفوز بأي شيء أو أحقق أي نجاح، وتدريجيًّا بدأت أفهم أنه يجب أن أصنع السلام مع نفسي، وأن أستمتع بما لدي وأكون سعيدًا به”. وختم السائق بنبرة صوت جادة: “توصلت إلى استنتاج مفادهُ أن الهدف المرتفع يُسبب فقط آلام القلب وخيبات الأمل”. 

حقيقة صادمة 

“كل هذا الحديث الحماسي عن التفكير الكبير والهدف العالي، هو كذبة واحدة كبيرة، وكلما فهمتها بشكل أسرع، سوف تشعر بأنك أفضل”. شكرت السائق وخرجت من سيارة الأجرة، وشعرت بالارتباك والاضطراب وعدم اليقين من نفسي. لم أكن أعرف كيفية التعامل مع هذه المعلومات. من ناحية أخرى، كان سائق التاكسي على حق، كل ما كان لديّ هو مجموعة من الأحلام غير الواقعية التي توقفت عن تصديقها منذ فترة طويلة، لكن من ناحية أخرى، لم أكن على استعداد لتحطيم أحلامي. أخيرًا، قلت لنفسي، “أنا بحاجة إلى نهج جديد، أحتاج أن أعانق بالحب ما لديّ، وأن أقرر أن أكون راضيًا عنه”. أحببت هذا الموقف الجديد، لأنه منحني السلام الداخلي وقبول الذات. 

الفيديو التحفيزي 

بعد أيام قليلة، رأيت على شاشة التلفزيون مقطع فيديو تحفيزيًّا مثيرًا للإعجاب للغاية، لبضع دقائق، وهو عبارة عن تقديم النصائح والإرشادات في تطوير الذات والتنمية الشخصية. قلت لنفسي: “مقطع الفيديو التحفيزي هذا لم يتم إنشاؤه بين عشيةٍ وضحاها”. بعد ذلك، أجريت بحثًا بسيطًا على مقاطع الفيديوهات التحفيزية. كما “كنت أظن”، تطلبت هذه اللحظات القليلة على الشاشة شهورًا من العمل الجاد، وبروفات لا تنتهي، وتعلم نبرات الصوت والتحكم في لغة الجسد، والعمل مع فريق من الأشخاص الأكثر تحفيزًا، والانخراط مع ذوي الخبرات العالية في تقديم مثل هذه البرامج. 

فهم الحقيقة 

جعلني هذا الفهم والتفهم أفكر مرة أخرى في المحادثة التي أجريتها مع سائق التاكسي منذ فترة. أدركت أن الرغبة في إنقاص الوزن، وأن أكون ثريًّا، وأن أنهي مدفوعات الرهن العقاري الخاصة بي، والرغبة في الاستقلال المالي لا يمكن أن تتحقق أبدًا، إلا إذا كنت على استعداد لتخطي منطقة الراحة الخاصة بي. لقد فهمت أن التخيل وأحلام اليقظة من حين لآخر حول الأشياء التي أريدها لن يجلبني إلى أي مكان، إلا إذا كنت على استعداد لدعم أحلامي بأفعال حقيقية. 
جعلتني هذه الأفكار أُدرك أن سائق التاكسي كان بالفعل فيلسوفًا ذكيًّا، فقد أراد مني أن أفكر وأن أغير موقفي. أدت كلماته إلى خيارين، إذا وافقت على ما قاله، فسأحطم أحلامي وأتعلم أن أكون على ما يرام معها. ومع ذلك، إذا وجدت كلماته مزعجة ولا أتفق مع ما قاله، (والذي حدث أخيرًا)، فسوف أبدأ في التفكير بشكل كبير، وأبحث عن طرق لتحقيق أحلامي في الحياة الحقيقية.
| للكاتب
| رامي محمد فلمبان